Admin Admin
عدد المساهمات : 631 تاريخ التسجيل : 01/12/2009
| موضوع: رواية صدى الزور البعيد .. الفصل الثاني الثلاثاء فبراير 07, 2012 3:38 am | |
| رواية صدى الزور البعيد .. الفصل الثاني
تنخفض الجوبة عن العلوة فتشكل السفح الذي تراوده الوديان البعيدة. يبدأ مرتفعها من وراء ظهر بستان عبد الله، ثم تتكاثر البيوت في الجهة القبلية من البستان، تمتد الى نهاية السور القديم الذي دافع عن البلدة ضد حملات تيمورلنك. هناك تنهار البسيطة مشكّلة ودياناً وأجفاراً واسعة تتراكم فيها نفايات البلدة. وسكان الجوبة من المالكين الأكثر غنى، تركوا العلوة لما طفرت بمواليدها، ونزحوا الى البسيطة وراء مزارعهم التي كانت محدودة بداية الأمر، ما لبثوا أن وسعوها فامتدت الى خلف السور، مجتازة بذلك الوديان والأجفار. لقد زرعوا القمح والسمسم والذرة، وأراضي القطن تمتد الى ما وراء الأفق.
وكان غناوي الساير المالك الأكثر غنى في زمنه. قدم لقائد العسكر في البلدة بيته الكبير عربون محبة وولاء. وأقام الى جانبه منزلاً لا يقل عنه فخامة، أطلق عليه اسم "سرايا الساير". ومع الأيام راحت أراضيه الواسعة تتقلص بشح السماء المتزايد، وبهجمات الأعراب المكرورة على البلدة.
ويتطاول بستان الساير بأشجاره، التوت والنخيل والرمان، المتناسقة على طول الضفة الى حد السور الغربي، كان يطلق عليه الأهالي في موسم انتعاشه جنة العلوه.
وكان صالح غناوي الساير أيام شبابه لا يترك البستان. في الأصيل وعند الغروب تزدحم نفسه طرباً، وكثيراً ما كان يلعب الاستغمامة مع الشمس الحمراء، أو مع وجه نورا الحمد التي ولدت له كدرية، بزواج سري. ولقد حنق والده حين علم بالأمر، لاحظ انتفاخ بطن نورا يتزايد مع الأيام. وما كان منه إلا أن انتظر الفرصة بصبر وأناة كي يلقي بنورا الحمد من فوق الهواشة قبل الولادة المكتومة. وكانت المياه التي راحت تلتهم نورا الحمد تدفع بالمولود نحو الأعلى، فبادر الى لعلعة صوته في الفضاء صائحاً: يا ناس غرقت نورا، يا ناس نورا غرقت، يا أهل المروءة. وقد عاهد صالح أباه قبل موته أنه لن يعترف بأبوته لكدرية. غير أن قلبه لان لها عند شبوبتها ويناعتها، فرضى أن تبقى الى جانبه، خادمة في البيت وإبنة غير معلنة.
وكان غناوي الساير، بأبهة ملاك يتزعم المواقف، أما ابنه وكما خمنت أمه يوم قالت أن ابنها صالح يشبه جده لأبيه رداد الساير الذي باع أرض الحويجة بقصعة ثريد. لذلك اهتم غناوي في مسألة زواج ابنه، فاختار له دلة الغانم التي عاشت في أحضان امهـا نبهـة الغـانم بالقرب من مضارب شيخ الزور، في ضفة النهر المقابلة. قالت دلة الغانم في وسط الحوش وهي تجلس القرفصاء، تشير بعصا أمسكتها بحكمة الى خطوط رسمتها على الأرض، والى جانبـها صالح الساير: من هين نبدأ، زين تكون متينة من هالطرف ومن أذيال الطرف الثاني، يا أبو خليل..ما منها مهرب، تسمع هوسات زلم عبد الله، راحوا يخلصون، وباكر جاي النهر. وطيب نصل الى سدتهم. سـأل صالح، فردت: اي شنو! وبستاننا يا أبو خليل؟!
كانت كدرية في زاوية الحوش عندما أكدت لها ملامح دلة وجوب البدء بالعمل، فاندفعت الى أبيها تقول: باكر هو الزين، أي نعم، اليوم اجمعوا زلمكم واتفقوا يا أبو خليل. ثم مضت كدرية، خرجت من دار السرايا، تسمع الأصوات المنهكة في البناء. توجهت الى بستان عبد الله، وقفت هناك برهة، وتجولت في خواطر شجرة زايد الصامتة، وكانت وحيدة في وسط البستان، رأت فاطمة تنزل من العلوة وفي يدها طاسة اللبن الطازج، وهمست الظنون في نفسها أن خليل يتلصص وراءها، سمعت حركته المتخفية خلف أول شجرة عبرتها لتدخل بستان عبد الله، التفتت الى الوراء، فانخطف خليل الساير الى الخلف، تراجع الى شجرة نخيل قريبة، ولم تنتظر، تجاوزت البستان، واقتربت من الضفة ثم جاورتها متجهة الى بناء سدة الرحبي غير المكتملة بعد. رأت محمد يعيد الطاسة الى فاطمة المنتشية فرحاً. ودارت حول السدة، من طرفها الثاني بالقرب من محمد، رفعت راسها ونظرت اليه بإمعان، وذكرت عيناها البراقتان محمد بخيال ذكرى ما زال ملحاً في جانب من حياته. جلس فوق السدة وباعد ساقيه، وراح يتذكر طفولته حين كان يلعب مع كدرية لعبة الضائع والصميمة. كانوا يلقبونها بالحريبة، لأنها ولدت في بطن المـاء بالقرب من مسكن الجنية حربة النجم. وكانت تهوى لعبة الضائع، وللبحث عنها ينقسمون الى جماعتين، الأولى تبحث عنها في طول الضفة، وفي منحدرات الوديان القريبة من النهر، والثانية تقتحم المقبرة والتلال المحيطة بها، بعضهم يتوغل متجاوزاً سور البلدة، الى الأجفار حتى وكر حية السلطان الكبير. كانت تنسل كظل السحر الى المحج، كي تعيد الكرة ويعيدون البحث. ولم ينس محمد ذلك اليوم عندما جددوا لعبة الضائع وانتظروا الى أن غابت عن انظارهم. قام أربعة أولاد في البحث عنـها، ذهب اثنان ناحية النهر، فيما ذهب محمد وحامد تجاه المقبرة. كانت حينها السماء معتمة. ويصيخان السمع، فهمس محمد وأشار بيده الى الخيال خلف قبر حمد الطعان، بينما كانا يهبطان الى المقبرة المظلمة، قال: نتقرب وندكّها. ويذكر محمد ان عثرته بشاهدة أحد القبور المائلة، قلبت السكون والحرص الى ضجة، مما جعل الكلب المتلصلص خلف قبر ابن طعّان يفر نابحاً .. وحين عادا الى المحج، وجدا رفيقيهما. وانتظروا حتى تظهر كدرية بنفسها. سمعوا آذان العشاء والرجال الذين يهمهمون مارين بهم متضرعين ( يا الله ). ودارت في نفس محمد فكرة الصعود أعلى المئذنة، مئذنة العلوة المطلة على البلدة، ليرى ظل كدرية، أو يصيحها. فقد بدا الملل يتسرب اليهم، فكّر بعضهم بترك اللعبة والعودة الى البيت، ولكن محمد لم ينه اللعبة، فما زالت كدرية متوارية. وانتظروا .. خرج المصلون من المسجد، وراحت الدروب تفرغ من الماره. وأخذوا يفقدون الصبر، فتراجعوا الى المحج وجلسوا الى بعضهم، مرت لحظات نسوا أنهم يلعبون، فتداعت افكارهم الى قصص سيف بن ذي يزن، وراح حامد يقارن بينه وبين عنترة، وأن عنتر بن شداد الذي كان يحب ابنة عمه عبلة هو أقوى رجل في هذه الأرض، لا يمكن لأي بطل ان يقوى عليه، كان يسكن قلعة الرحبة، ثم استدعاه الملك النعمان الى حيرة العراق، وهناك عاش مع عبلة يدافع عن الملك ولم يمت الا حزناً على موت ملكه النعمان، وما زال قبره جانب قبر الملك في العراق. وكادوا ينسوا كدرية لولا خالتها خود الحمد سألتهم عنها، فتذكروا أنهم ما زالوا في لعبة الضائع، لم تنته اللعبة بعد. وترامت الى مسامعهم أصوات بعيدة لكلاب نابحة، قالوا لخود: انها يمكن وراء السور، بحثوا في المقبرة ولم يجدوها، وهي ليست على أطراف النهر، ولا في البساتين المحاذية، رأوها تنزل من العلوة تجاه المقبرة. وخمن محمد انها خلف السور، ربما في جفر حية السلطان. هبط الليل وعلا نباح الكلاب، ثم اقترب صداه، حتى أوجس الفتية أن قدر الفتاة بين المطرقة والسندان. يأتي مرمى الصوت من الفتحة المشرفة على الوادي، منها تتسلل الوحوش الجائعة لتداهم البلدة، وكانت عينا خود الحمد تدوران ببله في محجريهما، طار صوابها اذ سمعت نباح الكلاب يقترب، يتجاوز السور، ربما الآن في وسط المقبرة، وهجست مسامعها بعواء جريح، تتخيل أن ضبعا يطحن بأسنانه الكلب الذي دافع عن كدرية، لا مناص سيضبعها كي يأخذها رهينة. وتدحرجت الكلمات بطيئة، ثم انفجرت، ملأت العلوة، وصرخت خود باستغاثة يائس: يا أهل المروة .. وتابعت في جوف الليل المترامي: كدرية ية ية. ويذكر محمد الرحبي ان خاله عايد الخضر، قفز عليهم من سطح بيت مجاور، واستفهم منهم بصعوبة ان كدرية غائبة في لعبة الضائع، ويخشون عليها من الضبع المتحلقة حوله الكلاب. فصاح بصوت كالطوب: أنا أخو هدلة. ولم يمض وقت حتى رجع عايد الخضر على فرسه "الهيلوان" وأمامه كدرية تختلج من الرعب. لقد كانت مختبئة في المقبرة وقد قالت فيما بعد أشياء لا تصدق، قالت أيضاً أن خوفها من خسارة اللعبة، وصورة الضبع في خيال الليل أفقدها الجسارة كي تعود.
وكانت كدرية تحن في طفولتها الى بيت عبد الله، والى هدلة وأخيها عايد، الى محمد الذي شاطرته الزعامة على أولاد الحارة، فدوماً يطفح قلبها بصور تتمناها، يقف كخاله عايد الخضـر فارس الهيلوان، وينتزعها من يد أبيها، يعود بها الى الطفولة.
أخذها أبوها صالح الساير من خالتها خود الحمد، التي لم تبارح هدلة. ولأن خود أكدت لعايد الخضر انها ابنته الحقيقية، وليست ابنة مواس الذي وصل معها الى البلدة في نهاية القرن الماضي في قافلة شركة الهند السريعة القادمة من بغداد، فإنه التزم الصمت ولم يقم بأي محاولة لاسترجاع الفتاة.
وحاولت كدرية التقرب من محمد أثناء وجودها في سرايا الساير، وفي السنة الماضية حملت الى خالتها خود، الى بيت هدلة، القطفة الأولى من ثمر الرمان، وكانت تريد أن تفصح عما انطوى عليه قلبها، وقالت في نفسها أن محمد ينتظر هذه الكلمة منذ زمن، حين أراد تقبيلها في النهر بينما كانا يستحمان في الطرف الآخر من الحويجة، قالت تختبره: ابعد قلبي مه لك.
ولما راحت تذكّره ادعى أنه لا يذكر شيئاً .. لكن خود أخبرتها أن محمد ينـوي خطبة فاطمة في الربيع. ولم تتراجع عن مقصدها، وقفت أمامه...ثم قبل أن تخرج، قالت: يا محمد قلبي نصفين، نصف لك وهذا راح البارحة، وقت كنا صغار، ونصفه هسّع طلع، ما أدري .. خوفي عليك منه.
وعادت كدرية. تركت وراءها ذكرى لا تمحى، تركت زخم الأصوات والصياح: همّوا يا جماعة .. وَلْ من هين مهُ من هناك .. خطوة خطوة بس .. إي عندك .. وينها فاطمة .. فاطمة يا فاطمة .. تراها رجعت .. خَلي تقول لجاسر يعجل .. حامد قرب جاي .. تراها تسمعك .. علّي صوتك .. هدلة.
تغلغلت وسط البستان، كانت طويلة مثل أمها. من يرها من الخلف يظن أنها أحد الرجال، فمنكباها العريضان يدلان على ذلك. كانت وسط البستان، تلقي جدائل على صدرها الناضح.
ولم يجرؤ على الالتفات، لقد دفعته بعينيها الرصاصيتين، قالت له: تفو عليك .. روح سوي مثل الزلم .. عجي. غير أن أعماقها كان يختلج رغبـة، لقد سمعت لهاثه خلف شجرة النخيل القريبة من الحائط، ورأته زائغاً في جذعها.
حينما عادت كدرية، كان صالح مجتمعاً مع الرجال في ديوانه، اقترحوا ما قررته دلّة: نرفع الهواشة ثلاثة أذرع، ونصل منبت الهواشة بسدتنا، ثم نرفع هالسدة بطول يوازي الهواشة، هيك نصون البساتين والبيوت، باكر بإذن الله نبدأ.
وبدأوا في أحد صباحات آذار، رجال صالح الساير بأعدادهم التي تجاوزت العشرين يقومون نشطين، يرفعون قامة اللسان، بالصخر والجص والحصى الكبيرة. وكانت هناك عربتان تنقلان الصخر من مقلع الطوب وراء جفر حية السلطان الى الجوبة، لتدعيم اللسان، أدى كسر عجلة إحدى العربتين حين ارادت الصعود الى مدخل البلدة، وهي مثقلة بحمولة الحجر، الى تأخر العمل في اليوم الأول، وتذمر صالح الساير الذي أكد للسائس بأنه لا يتقن السيطرة والتوجيه، قال للسائس: تلف .. أي تلف .. ما تجي شق رأساً .. تلوح بيدك حتى تشوف حالك صرت بسد الباب. رد عليه السائق: إيش كار يدي، هي خشبها تعبان ومحاورها هتيانة بعدين قلت لك ما تحمل كل هالشيء، قلت لي روح إيش بها!
واخذت السدة المقامة عند منبت اللسان ترتفع وتزداد عرضاً مع الوقت. وغنت كدرية بصوتها الأجش ( ان هلهلتي هلهلنا لك) وكانت تريد ان تبعث صوتها الى أعلى قمة في البلدة، أن تؤذن بصوتها حتى يسمعها اسماعيل الذي فقد سمعه من قتاله مع ولد الهذال في شمال العراق ثم راحت نجود العلي تصعد صوتها المطعم برائحة البراري، الصوت الذي جعل محمد يحس أن الإغماءات التي انتابته في المدة الأخيرة، من دون طيف فاطمة، لها مذاق مرحزين.
أحس محمد وهو وسط الحوش بحرارة تقصم اضلاعه، فاستدار الى باب الحائط الفاصل بينهم وبين تراك الناصر. طلب من الله أن تكون فاطمة بين يديه حتى يعانقها، يتخلل في رنة أساور يديها، أن يدنو بخفة من عنقها حين يهتز قراط الذهب. وتملكه الحيار فنظر الى هدلة التي دخلت المطبخ دون أن تعيره انتباها. ثم أدار رأسه المتصلب جهة الباب المطل على الدرب، فرأى من بعيد ظل أخيه الصغير، ناداه بعينيه الزائغتين، أحنى ظهره وتقاعس على قدميه الرخوتين، وسمع فاطمة تنادي اخيها الصغير، سمع صوتها المتباعد: مشهور .. يا مشهور .. يفصله الحائط ذو الباب المغلق ( مشهور ) يفصله مقدار من الزمن الآخر... وكحلم وخيال، ظن أن العالم يتقدم نحوه، الظلال المتراصة تعدوا باتجاهه، ولم يدرك سوى أن صدى آخر يتقدم اليه، رغم أنه بكاه منذ ثلاثة أيام. قال له أبوه : ابعد يا جاسر، يتكي على اخوك مثل البنية.. قال له أبوه: يا ول .. ترى أخوك قدامك .. أها ما به شيء. قال أبوه: دوخة بسيطة ما به شيء.
- في السنين القادمة. وبعدها .. طويلاً. سيذكر الطيف الذي كان يناديه: لقد التصق به. يتشبه بها.. ففوق السد الذي سيغمره الطمي .. لا يملك قلباً كي ينظر من مرتفعه. لا يملك .. يلتصق به، ومساماته الساخنة تلتذ برطوبة النسج .. فينظر الى الاسفل .. يبدو أن التنين ذا الرؤوس الثمانية يمد السنته الى دخان ونار .. انهما سيخافان. فيرجعان خلف السد الذي سيغمره الطمي، يموت الماء، وكان يقترب منه-
كان يقترب منه .. فانتبهت هدلة الخضر الى ولدها في وسط الحوش، لم تصرخ هذه المرة، ساعدتها خود الحمد، فحملاه الى فراشه في الغرفة الكبيرة. قالت هدلة: يُما خود سوّي بابونج، أو تراك يا محمد تريد نعناع، اسم الله .. ما بك.
حين انهى صالح الساير بناء اللسان والسدة، أقام غداء دعا إليه ساكني الجوبة. وصباح ذلك اليوم استيقظت كدرية على حلم: كانت مع إحداهن تغسل أطباق الثريد عند شاطئ النهر، وهناك من يغرق في النهر، واستيقظت حين قدف محمد نفسه في الماء لينقذ الغريق. كان حلماً هز كدرية.
وراحت ترويه لدلة فقالت الأخيرة: خير والصلاة على النبي .. هذا لأننا نريد أن نعزم الناس. نحر صالح الساير للوليمة جملاً بحاله. قدمه على اطباق الزودياك الهندية، هدية حاكم العلوة الى أبيه أيام بنائه لسرايته الأخيرة. وامتلأت عند الصباح أطراف الحوش بالأثافي والقدور والماء وأكياس الرز.. راحت النار تتصاعد مع الضحى وتلمس أطراف القدور. وكان صالح يرى أن توزيع شرائح اللحم على البيوت بدلاً من الوليمة افضل للناس، فقالت دلة الغانم: شقفة اللحمة تنتسى يا صالح أما العزيمة تدوم. صالح الذي لا يملك حيلة للاشتراك في خلية النشاط، التي قام بتحريكها أكثر الرجال والنساء المتوافدين من الصباح الى سرايا الجوبة، وقف يتأمل خود الحمد وهي تنحني نحو أثافي القدر، تفضي يديها فتميل جديلتها الفاحمة عن ظهرها، تلمس رماد الأرض، تسجد لتذكي نار الحطب. | |
|