حمى العجاج مقال للأستاذ صالح عبد القادر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الساكن في هوائنا تواضع! أيها العابر فوق أحلامنا احن هامتك قليلا ً ! أيها الضيف الثقيل احزم متاعك الغباري و ارحل إلى ما وراء المجرة ! أتوسل إليك مليون مرة .. أيها العاشق المجنون بدروبنا المثقلة ، الشبق إلى زجاج نوافذنا المتعبة ..اجمع غبارك الطاغي ، و اسحب ماء وجهك بعيدا ً دون اياب أو رجعى

ألم تعلم أن أنفاسنا غبار‏

و كتبنا غبار‏

و ليلنا غبار و النهار‏

أم أنك لا تدري‏

أن زفراتهن و آهاتهن و نشوزهن‏

اجتاحت المقاهي‏

و عبرت الفيافي‏

و سكبن ماء الفرات قربانا ً‏

لحضورك السرمدي‏

لعل عيونك الغبارية أعماها غبارك ذاته !.. و استحال قلبك حجر اً ! و استباحت ريحك أنوف الرضع و ظهور الركع ، و أغلقت منافذ الحياة‏

في الطرقات‏

و الشرفات‏

و حتى الرئات‏

أتوسل إليك أيها المستبد فينا .. مليون مليون مرة أن تقرع الأبواب المغلقة أن تدخل - بلا استئذان - إلى المكاتب السامقة ، أن يشتد غبارك في السواعد الخشبية ، أن تقتحم مسارب الروح الغافية ، أن يرسم غبارك الاستجداء على ألواحهم المهجورة و أقلامهم المبتورة ، أن تصرخ في المدى .. فوق منابر العلم ، و في المخابر الجوفاء‏

لقد مللت - أنا العجاج - عجاجي‏

سئمت غباري‏

ليرفع أحدكم سيفه‏

ليقصم أظفاري .. ليبني أحدكم قلاعاً تكسر رمالي .. ليغرس أحدكم فسيلة في التربة المستباحة ..‏

ليزرع أحدكم‏

وردة‏

بسمة‏

في‏

أيامنا‏

الباقية‏