Admin Admin
عدد المساهمات : 631 تاريخ التسجيل : 01/12/2009
| موضوع: مقالب سعيد النزهان... الإثنين مارس 07, 2011 3:34 am | |
| السلام على الفرات .. وعلى أهل الفرات .. وعلى كل من عاش ويعيش على ضفتيه .. وعلى كل من شرب ويشرب من مائه . أما بعد : سأروي بعض الطرائف التي يتداولها الناس في المياذين , وأرويها على سبيل الطرف , وأرجو أن لا تزعج أحداً , وأن لا يغضب مني أحد فعادة أرويها في المياذين أمام أصحابها أو أهلهم , وبالتأكيد لا أقصد الأذى لأحد . وسأبدأ ببعض طرف سعيد النزهان , هذا الرجل الذي تعرف المياذين طرفه , وتتداولها بمحبة , مشيرة إلى ذكاءه وحس الدعابة الذي يمتلكه .
الاولى: يقولون أن سعيد النزهان أراد أن يذهب إلى الحوايج أو الشحيل , فذهب عصرا إلى السفينة ليعبر من هناك , وعادة تكون " عبرة " العصر آخر عبرة لأن عرب الجزيرة تكون قد تسوقت في المياذين وقضت حاجاتها ثم تعبر إلى الطرف الآخر من النهر , ويكون بانتظارها الحمار الذي ربطته عند شخص اسمه عسكر الذي جعل من مكان على النهر شبه مرآب للحمير , دخل سعيد السفينة وذهب إلى صدرها ليجلس على الدكة .. كان السفان محمد النويصر يستعد للعبور , لكنه كان كما يبدو ينتظر أحدا ... قال أبو عبود محمد النويصر : يا سعيد قم واجلس على حافة السفينة .. فرد عليه سعيد بغضب : ليش ؟ أجابه أبو عبود جدعان الهفل قادم ليعبر إلى ذيبان , وذيبان هي قرية جدعان الهفل , وجدعان شيخ العكيدات , وهو رجل جليل وحكيم يحترمه الجميع , يقوم له الناس من أماكنهم حيثما دخل , يعطونه صدر المكان احتراما وتقديرا له , لكن سعيد لم يجب وبقي جالسا , بعد فترة قصيرة أعاد أبو عبود الكلام " يول قوم بعد شوي جاي جدعان الهفل " لم يرد سعيد عليه والناس في السفينة ينظرون إليهما , وبدأوا ينتظرون حدثا. بعد قليل وصل جدعان إلى السفينة , وما أن وضع رجله داخل السفينة حتى صرخ أبو عبود " سعيد قوم وصل جدعان " . وإذ بسعيد يصرخ فيه " منو جدعان ؟ " فرد أبو عبود عليه بغضب قائلا : يول هذا جدعان الهفل العبد الله " , في هذه الأثناء كان جدعان ينتظر هذا الجدل وهو بباب السفينة فما كان من سعيد النزهان إلا أن رد عليه صارخا , وأنا سعيد النزهان الالله , فضحك جدعان وقال لأبي عبود : اتركه بمكانه , لا يعمل لنا من القصة فضيحة , فضحك كل من كان في السفينة , واتجه جدعان ليجلس على حافة السفينة , لكن سعيد قام مبتسما عن المكان وأجبر جدعان على الجلوس على الدكة . * * * * * * الثانية .. في منتصف العشرينيات أي الأربعينيات , كان الفرنسيون بحاجة إلى شباب يطوعونهم في الجيش والدرك " الشرطة " والهجانة " حرس البادية " .. أثناء هذه الفترة لم يكن في المياذين ميسورين إلى الدرجة التي يرسلون فيها أبناءهم إلى الدراسة في دير الزور او الى الجامعة , إلا بعض العوائل , وأتذكر منها الدخيل والوكاع والحريب و" الويسات " تعلموا وأصبحوا موظفين , والوحيد الذي اهتم بدراسة أولاده وتابعهم هو صالح الحريب الذي تزوج من امرأة ديريه , واعتقد انه بقي في دير الزور موظفا ثم انتقل إلى أبو كمال ثم عاد إلى المياذين وكان معه محمد الخضر الذي كان واحد منهم مدير للطابو " العقارية " والثاني المالية , وتعاونا واشتروا الأراضي بثمن بخس لأنها كانت خارج المياذين وتعتبر أراضي أميرية , أي لا يملكها أحد غير الدولة . صالح الحريب أرسل أولاده إلى المدارس ماعدا محمد الذي تطوع في الدرك وفي حماة تزوج من حموية من بيت الشامي , وكانت سيدة فاضلة ومربية عظيمة , وصبرت على محمد الحريب الذي كان يتمتع بتوتر عالي جدا , فلم نراه في حياتنا إلا غاضباً . وكنا نذهب لزيارة عبد الرحمن وعبد العزيز عندما لا يكون موجودا وعندما يأتي إما يسود السكون أو نخرج من البيت . في الثلاثينيات تطوع شباب كثير في الدرك والهجانة كما قلت واذكر منهم محمد الكركوش وبداوي عبود العجرابا وناصح السهو وخلف السهو وسرجان السهو ومحمد المصطفى الوكاع وسيف الدين الراوي الذي لم يتابع وكذلك مداد الصياح ومحمد علي الحاج حسين وسعيد المشوح الذي قتل أثناء متابعته لأحد الفارين وكذلك عبد العزيز الجروان وعبد اللطيف الدكاك ثم التحق جيل آخر مثل حامد العليوي ومحمود العبيد وعبد الرزاق العيد وأبو نوري عليوي التايه على كل حال هناك واحد آخر لا أريد أن اذكر اسمه تطوع في الدرك وكان عندما يأتي إلى المياذين بإجازة يمشي بطريقة فيها التكبر والغرور , وكأنه لا يرى أحدا , وعندما يجلس في المقهى يأخذ ركنا قصيا , ويطلب الاركيلة ويدخنها واضعا رجلا على رجل . هذا الرجل الدركي الذي يتصرف وكأنه مدير الشرطة في المحافظة أغاظ المياذين , وفي مرة من المرات جاء بإجازة ودخل المقهى وكعادته جلس في إحدى زواياها بعيدا عن الجميع , ولم يسلم على أحد , فاغتاظ منه بقية الناس في المقهى وخصوصا الطاولة التي كان يجلس عليها سيف الدين الراوي , اغتاظوا منه لأنه كان يسلك سلوكا لا يليق بعائلته ولا بالمياذين , لكن لله في خلقه شؤون .. توتر الجو عندما دخل الرجل , وكان سعيد النزهان يجلس على نفس طاولة سيف الدين الراوي , وبالطبع كان سعيد له نفس الموقف من الرجل , قال سعيد لسيف الدين : " يا سيد , إذا عملت فيه شغلة تكون له مثل الكي ولن يعود إلى المقهى مطلقا طوال حياته , ومن الممكن أن لا يأتي إلى المياذين في إجازاته , شريطة أن تحميني منه " . أجابه سيف الدين : لا بأس أحميك , لكن دون أن نتشاجر معه . أجاب سعيد النزهان : ولن أتكلم معه وسيجري الأمر دون كلام , المهم أن تعترضه إذا أراد المشاجرة , فوافق سيف الدين . قام سعيد النزهان متجها إلى الرجل , الذي كان ينظر إلى الفضاء , ولا يرى أحدا , التف سعيد من ورائه وشمر عن مؤخرته وسحب نربيش الاركيلة ووضعها في دبره , طبعا كون الرجل يجلس في زاوية المقهى ولم يكن بينه وبين الحائط إلا فاصل بسيط . بدأ الرجل يسحب نفسا , لكن دون جدوى , والناس الموجودون في المقهى يشاهدون هذا المنظر ويضحكون , لم يعرف الرجل , ولم يهتم بالناس , لكن بعد أن سحب أكثر من نفسين اعتقد إن هناك خللا في الاركيلة , فنظر ليعدل الجمرة , وإذ به يرى سعيدا في هذا الوضع , طار صواب الرجل , وبدأ يشتم ويسب , ويقذفه بكلمات مقذعة , وهجم عليه .. هرب سعيد متجها نحو طاولة سيف الدين وتبعه الرجل مهددا ومرعدا متوعدا , فحجزه السيد والناس عن سعيد , وطيبوا خاطره , غادر المقهى , وقطع إجازته , ولم يقض إجازته في المياذين بعد ذلك . لكن هذه الحادثة تبعته حتى التقاعد , وكانت درسا لأولئك الذين تطوعوا , ولبسوا بدلة العسكرية , أصبحوا متواضعين أكثر , وسمعت احدهم هدد آخر , إذا لم يكن متواضعا , فهناك مقلب ينتظره .
* * * * * * الثالثة : ذهب سعيد النزهان إلى بغداد مع بعضهم , لا اعرف لماذا , لكن على الأرجح للتجارة لجلب التمور على ما أظن . نزل إلى السوق ليشتري عباءة فوقف أمام احد دكاكين البغداديين , فسأله عن عباءة , فأجابه التاجر , عندي نوعان واحدة بخمسة دنانير وهي القصيرة , والثانية بعشرة دنانير , في الفندق قاس سعيد العباءة فرأى إن العباءة القصيرة هي التي أعطاها له التاجر , فقرر الرجوع إلى التاجر لتبديل العباءة الصغيرة بالكبيرة , عندما وصل إلى التاجر ليغير العباءة , قال له التاجر هنا لا نبدل ما نبيعه , وعلى كل حال هذه التي بيدك بعشرة دنانير , كانت العباءات موضوعات على الطاولة , فما كان من سعيد إلا أن وضع العباءة بين العباءات وخلطها مع بعض ثم قال للتاجر " أرجو أن تعيد لي العشر دنانير " . هنا وقف التاجر مندهشا من هذا التصرف المفاجئ والذكي فسأله من أين أنت ؟ أجاب سعيد من المياذين . قال التاجر لقد ذكرتني بقصه لها علاقة بك , فمنذ عشرات السنين , ذهبت بتجارة لجلب شجر الحور من جرابلس , وكنت اركب على " طوف " الطوف عبارة عن أعمدة الخشب من الحور , مربوطة مع بعضها , يطوفونها في الفرات الذي يسحبها باتجاه جريان النهر من سورية إلى العراق , يتابع التاجر , ولما وصلنا المياذين , رأيت امرأة تغسل الثياب على شط الفرات " المارد " فنزلت من الطوف وجامعتها , ولا بد انك جئت بنتيجة هذا الجماع . ما أن سمع سعيد الحكاية , وإذ به يقفز من فوق الطاولة ويمسك برقبة الرجل , وبدأ يقبله , ويعضه ويصرخ " يابويا , يابويا " من سنين طويلة وأنا ابحث عنك , التاجر يحاول أن يبعده , وسعيد يمسك بخناقه ويصرخ " يابويا , يابويا " ضاغطا عليه , ويعض فيه من رقبته , تجمع الناس ليروا ماذا يحدث , فإذا بالتاجر يقول لسعيد : يلعن أبوك على أبو الخلفوك , يول دشرني " اتركني " , وسعيد يصرخ " ما صدقت أن لقيتك , شلون ادشرك , لا والله ماني مدشرك فأما تذهب إلى المياذين وتعترف بأبوتك , أو أبقى عندك في بغداد ".. الجمهور مندهش من هذا الحوار وهذا العناق من قبل سعيد والدفع من قبل التاجر . بعد ذلك صار التاجر يصرخ " يول دشرني وخذ العباية والعشر دنانير " انفضت القضية بان اخذ سعيد العباءة التي كان يرغب بها , واستضافه التاجر وأصبحوا أصدقاء . * * * * * * الرابعة: كانت دار سعيد مجاورة لدار جدي سيد خير الراوي , وكان الوقت رمضان , طبخت حبابتي محشي برز , وضعته على النار , وجاءت أم حمزة وقد طبخت محشي ببرغل , ووضعت الطنجرة إلى جانب الطنجرة الأخرى . حضر سعيد قبل الإفطار وسأل سعيد زوجته أم حمزة :"ماذا طبخت ؟ قالت له محشي وقد وضعته إلى جانب طنجرة أم شمسي " حبابة فاطمة " وسأذهب الآن لإحضار الطنجرة , قال سعيد سأحضرها أنا , أي طنجرة هي دلته على الطنجرة , فالطناجر متشابهة , أحضر سعيد طنجرة سيد خيري , فقالت له أم حمزة " بس هاي طنجرة السيد خيري " قال لها سعيد " الآن صبي " اسكبي " المحشي , السيد يستطيع أن يأكل الرز كل يوم " . على الجهة الثانية عندما سكبت أم شمسي المحشي تبين لسيد خير , انه محشي بالبرغل , غضب السيد وصاح ألم أجلب لك الرز اليوم على أساس تطبخين محشي بالرز " قالت له والله طبخت المحشي بالرز . جاء رمضان وقتها صيفا , والناس تفطر بالحوش , فصرخ السيد عبر الحائط " يول استحي على حالك يا سعيد , على الأقل ابعث لنا " طعمة " , الطمعة هي إرسال صحن من الجار إلى الجار الآخر عندما يطبخ طبخة جديدة . فرد سعيد عبر الحائط " حقك علينا , بس والله ماردت أرسلك محشي بالرز خايف تتعود عليه.
* * * * * * الخامسة: مرة في السوق , وكان مزدحما , فإذا ببسكليت يضربه من الخلف , أدار ظهره , فرأي قصي بن سيد سيف الذي قال له " ما تشوف يا عمي ؟ " فرد سعيد" لا تؤاخذني يا سيد , المرة الجاية اركب نظارات على طيـ ....!. كنا عادة عندما نذهب إلى أبو كمال للعب كرة قدم وكرة طائرة , نجلس مع أصدقائنا , ونحكي لهم حكايات سعيد النزهان وطرفه الكثيرة . في إحدى المرات جاء احد الأصدقاء من أبو كمال إلى المياذين والتقى بابي عنزو " عبد الحميد مشوح " فقال ارني سعيد النزهان , فإذا بسعيد يتمشى في السوق , فجاء أبو عنزو وصديقه إلى سعيد بعد السلام الحار على سعيد من قبل عبد الحميد وكأنه صديقه قال أبو عنزو لسعيد " بالله نكتة يا عمي " فما كان من سعيد إلا أن قرصه من أليته , فنط عبد الحميد وقال مستغربا , شوهاذ , أجابه أبو حمزة " أني مسخرتك أو مسخرة أبوك , يول " اعتذر عبد الحميد له , وقال له يا عمي والله نحن نفتخر بك ونروي حكاياتك عندما نذهب إلى أبو كمال , وصديقي هذا طلب مني ان يراك , هذا كل ما في الأمر , ارتاح سعيد بان أفعاله أصبحت تروى بين الناس , فروى لهم إحدى حكاياته ومضى.
منقول :عن الاستاذ فؤاد البلاط[/size] | |
|