قبل بضعة سنوات بدأنا نسمع بالذهب الروسي،من خلال تجار الشنطة الذين كانوا يحضرونه عبر الحدود التركية واللبنانية،وبكميات قليلة،لا تلفت النظر ،وبدأت حركة بيعه من خلال الأحياء الشعبية في البداية،ولم يعرف له محلات تبيعه بشكل نظامي أو من خلال فاتورة،وحقيقة من ينظر إلى الذهب الروسي يجده براقاً ولماعاً ويغري المرء بمنظره ،وأشكال صياغته المتنوعة والمشكلة والتي ربما تغري وتعجب جميع الأذواق،واليوم بتنا نرى تجار الذهب الروسي , يقفون على أطراف الأرصفة هنا وهناك،وحول محلات بيع الذهب، وبيدهم حقيبة صغيرة تحتوي على بعض الأساور والسلاسل والخواتم، وحتى المحابس,و الذهب الروسي هو عبارة عن نوع من النحاس الممتاز وممزوج بالقليل من الذهب أو بمكونات الذهب،والحقيقة أن اسم روسي لتمييزه فقط فهو يصنع في بعض الدول الأوروبية والعربية, مثل الأمارات،في الماضي لم يقتنع به الناس ،وعزفوا عن شرائه ،واعتبروه حسب القول الشعبي "شناضه"
ولكن يبدو أن الأمر قد تغيّراليوم في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية القاسية،لاسيما مع ارتفاع أسعار الذهب محلياً وعالمياً،وبالتالي ارتفاع كلفة الزواج نتيجة مطالب الأهل والعروس بشراء" الصيغة" للعروس،وهذا عرف وتقليد سوري معروف ،فالزواج يعني شراء الذهب،لكن مع اختلاف الكمية مابين عائلة وعائلة أخرى،لكنه ركن أساسي من الصعب تخطيه أو القفز فوقه!!
لكن نلاحظ أن بعض الناس بدأوا يتجهون اليوم نحو الحل البديل ،والسبب غلاء الذهب الحقيقي وعدم قدرتهم على شراءه ،فغالبية الأسر تطلب من العريس أن يشتري لخطيبته " تلبيسة " عند الخطوبة ومصاغ ذهبي أخر، عند الزواج،ومابين الخطبة والزواج يتكبد العريس وأهله مبالغ طائلة لا قدرة لهم عليها,مما يدفع بعض شبابنا نحو العزوف عن الزواج خوفا من الشبح الذهبي "المظهر" والعادة التي اعتاد الناس عليها .
ربما أصبح الذهب الروسي أو الهندي حلاً وجسرا مقبولا من المجتمع لإتمام الزواج وحتى لا يقف شراء الذهب الغالي عائقاً أمام شبابنا،وسمعنا أن أهل العروس قبل العريس يقترحون شراء الذهب الروسي أو الهندي عوضا عن الذهب ذو "القيراطات" المرتفعة ، وذلك لتسهيل وإتمام العرس دون تكبد العريس لكلف إضافية وكبيرة لا طاقة له بها,مع تحويله إلى "رجل متزوج بالدين" ولا يعرف ليله من نهاره ,وعادة ما يتفق العريس والعروس على الاستعاضة عن ذهبنا الغالي بالذهب الروسي
لم يجد باسل جمعة" موظف "مخرجا له من مأزق شراء الذهب المسجل كجزء من المهر لعروسه وقبل زفافه بأيام إلا أن يتجه لأحد محلات الحلي ليشتري لعروسه طقما وعددا من القطع المطلية بالذهب رخيصة الثمن ويقول لسيريانديز : أن ما دفعه لذلك هو الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب حيث أن مبلغ 50ألف لم يعد كافيا إلا لشراء قطعة بسيطة.
مظاهر ... ورغم ذلك لبسته
مي فتاة من عائلة ميسورة الحال والدها محامي معروف في سورية وهي وحيدة لهم ولكن رغم ذلك تبرر لسيريانديز :أن سبب إكمال زواجها بعد أن كاد يفشل هو تفهم أهلي أن الذهب تقليدي او روسي هو مظهر ولم يقفوا عقبة أمام أتمام زواجي بسبب ارتفاع سعر الذهب التقليدي وعلى العموم كلها مظاهر و أنا اشتري الذهب الروسي للتزين وليس للتباهي ,وكلاهما يؤدي نفس الغرض فلماذا ادفع أكثر واقع فريسة الديون ,او أتعرض لخطر السرقة …!
جعفر يحب خطيبته ولا يرغب بالتخلي عنها لذلك يشكي همه لسيريانديز: ويقول "و الله سبب تأخر زواجي من 3 سنوات هو عدم قدرتي على جمع ثمن تلبيسه خطيبتي وأهلها يصرون على شراء ذهب بس 300.000 ألف ليرة، ولا أعلم ماذا أفعل طرحت عليهم فكرة الذهب الروسي ولكن الفكرة انتهت بمشاجرة!! و لم تهدأ إلا بعد وقت , بالرغم أن صناعة الذهب الروسي ومظهره لا يختلف أبدا عن مظهر الذهب التقليدي ويشبه الذهب الأصلي بإتقان صياغته.... فإن كان هو الحل لإتمام الزواج وبمعرفة العريس والعروس ..اتسائل لما لا...
ضريبة استثنائية
ارتفاع أسعار الذهب لم يؤثر سلباً على تجار سوق الذهب في سورية فقط، والتي تعتمد بشكل أساسي على الزبائن المباشرين دون الاعتماد على المستثمرين الذي يحولون بعض أموالهم إلى ذهب كما هو الأمر في أوروبا وأمريكا, بل أثرت على الشباب والشابات , وللقضاء على هذه الأزمة كان الحل هو الاستعاضة عنه بمادة تحاكيه وتماثله , وهو الذهب الروسي أو الهندي الذي حل أزمات الكثير من العشاق والأحباب ومنهم صديقتي مي التي كان عرسها مساء أمس من الشخص الذي أحبته مبروك لك يا مي وأتمنى أن لا تندمي في يوم من الأيام أنك لبست الذهب الروسي بدل من الذهب العادي .
الأحد أغسطس 22, 2010 4:03 pm
