الحوايج
أخي الزائر الكريم,أهلا بك في منتدانا ,نحن سعداء بزيارتك ويشرفنا انضمامك الينا....وشكرا
الحوايج
أخي الزائر الكريم,أهلا بك في منتدانا ,نحن سعداء بزيارتك ويشرفنا انضمامك الينا....وشكرا
الحوايج
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحوايج

هذا الموقع مخصص لاخبار قرية الحوايج التابعة لناحية ذيبان -الميادين -دير الزور
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  قصة مغترب.....

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 631
تاريخ التسجيل : 01/12/2009

 قصة مغترب..... Empty
مُساهمةموضوع: قصة مغترب.....    قصة مغترب..... Emptyالأربعاء أغسطس 18, 2010 12:06 am

جلس في غرفته وحيدا أمام التلفاز الذي كان يعرض برنامجا مملا قديما عن الرقص الشعبي في بلد الغربة. كان ينظر إلى التلفاز بعمق, حتى ليخيل للمشاهد أنه مهتم إلى أبعد الحدود وأنه يتابع حركة الراقصين على الشاشة بكل تفاصيلها. لكنه في الحقيقة كان في عالم أخر, بعيدا كل البعد عن ما يجري حوله سابحا في بحر أفكاره الخاصة.

كان في العقد الستيني من عمره. نحيلا كما كان طوال حياته.إلا أن السنين و طريقة حياته التي عاشها قد تركت بصمات واضحة على ملامح وجهه الذي بدى مترهلا في أماكن كثيرة مع هالة داكنة وانتفاخ مميز تحت العينين.

كانت الشقة التي يسكنها كبيرة و مكونة من غرف متعددة ذات اسقف مرتفعة تماما مثل أي بناء قديم. كان قد اشتراها منذ زمن بعيد بمبلغ كبير, وعمل على إصلاحها و تزيينها لعدة سنوات حتى بدت كالقصور الشرقية. إلا أنها اليوم بدت في عينيه موحشة وباردة. كان الهدوء الرتيب القاتل يعشعش في كل زاوية من هذا القصر. وبدت في عينيه تلك الأسقف المرتفعة بزخرفاتها اللامنتهية أشبه بمعبد مهجور تركه رهبانه منذ زمن بعيد. تمنى أن يكون أحد بجانبه في تلك اللحظة يؤنس تلك الوحشة التي وجد نفسه فيها والتي تكبر شيئا فشيئا مع مرور الدقائق. أحس بقشعريرة مريرة تسري في جسده ومن ثم في روحه و برغبة جامحة في الصراخ أو حتى البكاء.

نظر حوله ببطىء شديد و شهق نفسا عميقا متقطعا, ثم عاد ليغوص في أفكاره الحزينة من جديد. هاقد مضى على غربته أكثر من ثلاثين عاما لم يزر فيها الوطن إلا لمرات معدودة. كان يحس بأنه قد فقد انتمائه لوطنه الأم. وفي كل مرة كان يسافر إلى هناك كان يشعر بأنه قد أصبح غريبا عن كل شيء. عن الناس , عن الهواء و عن العادات, حتى عن الطبيعة. كان في غربته يملك كل شيء. شركة ناجحة و حساب مصرفي ممتلئ و عدة بيوت و سيارات فارهة. تزوج من أجنبية و انجب منها ابنتان اكملتا الدراسة و انتقلتا للعيش كل في بيتها الخاص كما تقضي العادة هناك. كانت إحداهما تعاني من مشكلة مع المخدرات. وقد خضعت لفترة طويلة من العلاج ولكن دون جدوى. أما الكبرى فقد كانت تعلن بين الحين والأخر بأنها مسافرة إلى اسبانيا أوتركيا أو اليونان لقضاء وقت ممتع مع صديقاتها. لم يكن يستطيع أن يمنعها بالرغم من أنه كان يود ذلك . كانت أمها تمنعه من أن يقيد تصرفات تلك الفتاة على اعتبار أنها شخص بالغ وتستطيع تقرير مصيرها بمفردها. أما زوجته فقد طلبت الطلاق منذ عدة سنوات و طلبت معه نصف أملاكه. و لا تزال أوراقهما في أروقة المحاكم بعد أن خسر مئات الألوف على تلك القضية.

كان يشعر أحيانا بأن ما يملكه من ثروة هي نقمة اكثر منها نعمة. كان في مامضى عبدا للمال. يرى فيه كل مظاهر القوة و الثقة و الأمان. لم يكن ليقيم لمشاعره أو مشاعر الأخرين أي وزن طالما أن المال في الحسبان. لم يكن ليحرم حراما أو يحل حلالا إذا تعارض ذلك مع مصلحته الشخصية. لقد عاش حياة مترفة..السهرات و الرقص و الخمر و النساء و المجون و اصدقاء الأنس..وهاهو يرى نفسه الأن وحيدا معزولا في قصره الباذخ مثل طائر مسجون في قفص من ذهب.

هاهي الأيام تمضي و الحياة تتسرب من جسده النحيل. لم يبق في العمر بقية تذكر بعد هذا الإفراط في الإساءة لهذا الجسد المنهك. لقد ذهبت الخمر و السهر و النساء بحصتها من هذا القلب الضعيف الذي هو جاهز لينهي عمله في أية لحظة.

إنتابه شعور مرير بالخوف حين خطرت فكرة الموت على ذهنه. أهكذا ببساطة أزول عن الوجود و أرمى في حفرة موحشة مظلمة وحيدا ومن دون أي شيء؟ أهكذا ببساطة يتحلل جسدي و أصبح مجرد هيكل عظمي يبعث الخوف في قلب من يشاهده؟ ولكن ماذا بعد ذلك؟ لقد قرأ الكثير من الكتب و بعدة لغات. و توصل أخيرا إلى قناعة تواسيه مفادها بأنه لا يوجد إله وبأنه ملحد. هذا يعني بأن الموت بالنسبة له يجب أن يكون زوالا ابديا عن الوجود لا رجعة فيه. وعند ذلك لا داع للتفكير بالثواب أو العقاب لأن ذلك ليس من صالحه على كل حال.

هل كانت هذه الفكرة تؤرقه؟ هونفسه لم يستطع الإجابة عن هذا السؤال. ولكن حياته كلها أصبحت تتمحور حول الضيق و الألم و الوحدة و الخوف من شيء هونفسه لا يعلمه.

رن جرس الهاتف بجانبه. انتابته رجفة صغيرة ردته إلى عالم الواقع. كان المتصل صديقا قديما له. وبعد عدة جمل من الترحيب و الأسئلة الروتينية تلعثم صوت صديقه قليلا و هو يطلب منه بعض النقود لأنه واقع في ورطة حقيقية و قد سدت كل السبل في وجهه و لم يبق غير صديقه هذا. مرت لحظات صمت طويلة كان يفكر بها. كان يرفض فيما مضى أن يقرض أيا كان, لأن ذلك حسب تبريره سوف يفسد الصداقة و يطمع الناس فيه. إلا أن صوتا كسيرا إنطلق هذه المرة عبر سماعة الهاتف قائلا. تعال إلي, سوف أعطيك ما تريد. تعال ولكن بشرط أن تبقى هذه الليلة عندي. أريد أن أنام و أنا مطمئن بأن هناك إنسانا بجانبي..

أغلق السماعة و أرخى رأسه. لقد تأكد الأان تماما بأنه قد خسر معركته في هذه الحياة أيضا..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alhawwaij.ahlamontada.com
 
قصة مغترب.....
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الحوايج :: الفئة الأولى :: منتدى الادب والثقافة-
انتقل الى: